تدفع درجة الشيخوخة المتدنية التي لوحظت لدى الأنواع التي تتميز بالدم البارد، على غرار السلاحف، إلى إعادة النظر، بحسب دراستين نُشرتا الخميس، في الاعتقاد السائد بأن التدهور البيولوجي التدريجي الذي يؤدي إلى نفوق الحيوانات أمر لا مفر منه.
وقال المشارك في إعداد إحدى الدراستين المنشورتين في مجلة "ساينس" المرموقة ديفيد ميلر إنّ هذه المسألة لم تُدرس بشكل وافٍ يتجاوز حالات معينة كذكر السلحفاة "جوناثان" الذي يبلغ 190 سنة.
واشار ميلر، وهو باحث في علم البيئة لدى جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة، إلى أنّ العلماء ركزوا على دراسات قارنوا فيها بشكل كامل السلاحف بالعصافير وحيوانات أخرى تعيش في الطبيعة"، مضيفاً "لكن المعلومات التي نعرفها عن البرمائيات والزواحف يأتي بعضها من دراسات أجريت على أنواع معينة وجزء منها بفضل أبحاث خضعت لها أنواع أخرى".
وفي عمله البحثي، تولى ديفيد ميلر جمع بيانات تابعة لأعمال بحثية ميدانية وطويلة الأمد شملت 107 مجموعات من 77 نوعاً برياً، من بينها سلاحف وبرمائيات وثعابين وتماسيح.
- شيخوخة -
ووفرت هذه الدراسات من خلال تحديد أنواع من الحيوانات تمت متابعتها على سنوات عدة، تقديراً لمعدل نفوقها.
وجمع الباحثون بيانات تتمحور على عمر الحيوانات بعد نضجها جنسياً، وتوصلوا مستخدمين وسائل إحصائية إلى تحديد معدلات الشيخوخة وطول العمر، وهو ما يشير في هذه الحالة إلى العمر الذي يكون قد نفق فيه 95% من أعداد النوع الذي يخضع للدراسة.
وقالت بيث رينكه، وهي عالمة أحياء في جامعة نورث إيسترن الاميركية ومعدة رئيسية للدراسة "وجدنا أمثلة على الحد الأدنى لدرجة الشيخوخة".
ومع أنّ هذه المعدلات كانت مُنتظرة لدى السلاحف تحديداً، إلا أن نتائج مماثلة ظهرت لدى نوع واحد من كل مجموعة من الحيوانات التي تتميز بالدم البارد، ومن بينها الضفادع والتماسيح.
واشارت الباحثة إلى أنّ "الدرجة الأدنى للشيخوخة لا تعني أنّ الحيوانات لن تنفق"، بل تشير إلى ان احتمال نفوقها لا يرتفع مع تقدمها في السن.
- درجة الحرارة أهم من الأيض -
وتولت تمويل الدراسة معاهد الصحة الوطنية الأميركية التي تسعى للتوصل إلى فهم أفضل لشيخوخة الكائنات الخارجية الحرارة، والتي غالباً ما تُصنّف على أنها كائنات تتميز بـ"دم بارد"، ثم تطبيق المعطيات على البشر المعروفين بأنهم كائنات داخلية الحرارة.
ولطالما اعتقد العلماء أن الكائنات الخارجية الحرارة تشيخ ببطء أكثر من تلك المصنّفة داخلية الحرارة، بسبب اعتمادها على البيئة لتعدّل درجة حرارتها، ما يساهم في إبطاء عملية أيضها، عكس الكائنات الداخلية الحرارة التي تتولى إنتاج حرارتها الخاصة وتتمتع بعملية أيض أسرع من تلك الخاصة بالكائنات خارجية الحرارة.
وأظهر هذا الرابط صوابية لدى الثدييات، إذ ان الفئران تتمتع مثلاً بعملية أيض أسرع من تلك الخاصة بالبشر بالإضافة إلى متوسط عمر أقصر.
لكن الدراسة الجديدة اظهرت، على عكس ما كان يُعتقد سابقاً، أنّ معدل الأيض لا يشكل العامل الأساسي في عملية الشيخوخة.
وأتاحت نتائج دراسات أخرى التوصل إلى أدلة بديلة لا يزال يتعيّن إخضاعها لدراسات.
ومن خلال رصد متوسط درجة الحرارة لدى أحد الأنواع بدلاً من تتبّع معدّل الأيض، توصل معدو الدراسة إلى أن أنواع الزواحف التي تتمتع بأعلى درجات حرارة تشيخ أسرع من الأنواع الأخرى، بينما تشيخ البرمائيات، وهي الأنواع ذات الدرجات الحرارة الأدنى، ببطء أكبر..