أعلنت بعثة دولية عن كشف أثري ذو دلالات فنية وتاريخية كبيرة في منطقة دنقلا العجوز في شمال السودان.
وأشارت البعثة إلى أنها تسعى لفك العديد من الألغاز والجوانب الغامضة التي تحيط بذلك الاكتشاف الذي يحتوي على لوحات ورسوم غير معتادة للسيد المسيح والسيدة مريم العذراء والملك ميخائيل إمبراطور مملكة النوبة في ذلك الوقت.
ويتمثل الكشف الجديد في مجمع يضم غرفا مصنوعة من الطوب المجفف بالشمس غُطيت مساحاتها الداخلية بمشاهد تصويرية فريدة.
ووفق البعثة فقد احتوى المجمع على لوحات نادرة وذات دلالات فنية وتاريخية كبيرة يمكن أن تحدث ثورة في مجال الاكتشافات المتعلقة بالفن المسيحي.
وتميز الاكتشاف الجديد بالعثور على غرفة صغيرة، زُينت جدرانها بلوحات تظهر في إحداها السيدة مريم العذراء، بالإضافة إلى أخرى تصور ملك مملكة دنقلا مع السيد المسيح.
وتعتبر منطقة دنقلا العجوز عاصمة مملكة النوبة وواحدة من أبرز الممالك الإفريقية القديمة، وتقع في قلب منطقة حضارة كوش التي يعتقد أنها إحدى أقدم الحضارات الإنسانية في العالم
الاكتشاف الذي نفذه فريق مدعوم من مجلس البحوث الأوروبي بقيادة عالم الآثار كازيميرز ميتشاوفسكي وضم آرتور بولسكي ولورنزو دي ليليس وماسيج ويوجو، يعطي وفق البعثة نتائج مهمة حول التحولات الحضرية لمجتمعات القرون الوسطى.
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، قالت خبيرة الآثار السودانية شادية عبده، إن المدهش في هذا الاكتشاف هو اختلاف الرسوم واللوحات التي وجدت عن اللوحات المسيحية المكتشفة في العالم حتى الآن.
وأضافت عبده: "كان المعتاد في اللوحات المكتشفة سابقا هو رسم الملاك أو حامي الملك بشكل ثابت، لكن اللوحات الجديدة تظهر الملاك وهو يحرك جناحه".
وعثر علماء الآثار في الموقع على قبو كبير تحت الغرف الأربعة التي يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر الميلادي.
لكن اللغز الأكبر في هذا الاكتشاف هو الوضع الحركي للوحات التي صورت السيد المسيح ومن حوله، إضافة إلى طبيعة مجمع الغرف التي وُجدت فيها اللوحات، كما أن مساحات الغرف نفسها المغطاة بالأقبية والقباب والمصنوعة من الطوب المجفف، كانت صغيرة جدا لكنها ترتفع 7 أمتار فوق مستوى سطح الأرض.
ووجد بجانب المجمع مبنى مقدس يعتقد أنها كنيسة يسوع الكبرى التي ربما كانت عبارة عن كاتدرائية وأهم كنيسة مسيحية ومقرا للبابا الأكبر في ذلك الوقت.
ويأمل الخبراء في أن تقدم الحفريات الإضافية التي يعتزمون القيام بها خلال الفترة المقبلة إجابات للعديد من الأسئلة التي لا زالت بلا إجابة.
وبحسب الخبراء فإن اهتمامهم في هذه المرحلة ينصب على الحفاظ على اللوحات الجدارية الفريدة التي تم اكتشافها ودراسة النقوش الموجودة عليها.
وبدأت بالفعل أعمال ترميم المجمع واللوحات مباشرة بعد الاكتشاف تحت إشراف فريق ترميم متخصص، لكن هذه الأعمال تواجه تحديات كبيرة تتمثل في البيئة التي يعمل فيها الفريق في ظل الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة والصعوبات الكبيرة التي تواجه عملية فصل اللوحات عن الجدران في بعض الأماكن.